بعد مؤتمر مراكش وما رافق الحدث من ثرثرة كلف التحضير لها وتزيين المقام المحتضن لبثها (عسى المناخ موضوعاً يصل عقول حكومات كبريات الدول فتوافق على ما اجتهد المجتهدون ليقروه في فرنسا ويلتزموا بتطبيقه في المغرب)، الملايين من الدولارات كان الأفضل أن تُصرف على الأحياء المنعدم فيها ما يساعد على بقاء قيمة الحياء المنتشرة عبر مساحة المملكة المغربية الموحدة التراب، من مشارف "بني ونيف" شرقاً إلى "الكويرة" جنوباً المُكدَّس داخلها اللاَّمهتمين إلّا بما سيحصلون عليه من حقوق تحسبها الدولة خارج ما تقوم به تجاه الشعب المغربي العظيم من واجب، لانعدام مَن يحاسبها بما تروجه عن ديمقراطيتها أو ما تقتبس منها حسب هواها الغريب، يلي ذلك مهرجان مراكش السينمائي، مُبدِدا جزءا لا يُستهان به من أموال المغاربة المقهورين في مجملهم المشتتين في ألاف "الدواوير" المتخذة سفوح جبال وعرة المسالك خالية من تجهيزات تضيفهم لحملة نفس البطاقات الوطنية من قاطني مدن وبخاصة التي حط بها رحال "قلةّ" مشهورة بقلة عدد أفرادها وخطورة نفوذها، استطاعت أن تبني أعشاش أحلامها بالمواد المستوردة من الدول المالكة أرقى تكنولوجيات البناء بكل أصنافه الخرافية وتلويناته المُبْهِرَة وهندسته المُضَلِّلَة من الخارج المُصاب مَنْ رآها من الداخل بحماس النضال المنقطع النظير المُفْعم بقُدسِية الشهادة الفاسحة المجال لعموم هذا الشعب المغربي العظيم أحقية الاطلاع عما يُنْهَبُ من الأرزاق العمومية من مقادير تصب في جيوب المستفيدين بين الحين والحين، يلي ذلك الجولة الإفريقية التي أراد مَن أراد مقارنة المملكة المغربية بالدول القوية المتقدمة الغنية الملتزمة مع شعوبها بتوفير كل أسباب الحياة الكريمة وتنفيذ القوانين المخصصة لكل المجالات مهما كانت وتطبيق مبدأ المساواة والتشجيع على الابتكار والإبداع وخلق ما يشجع على توسيع الإنتاج لتوفير الاكتفاء الذاتي في كل المواد، واحترام الاختيارات الفردية والجماعية أكانت فكرية أو اجتماعية أو سياسية، والحماية من خزعبلات أحزاب لا مقومات ولا أعضاء ولا برامج ولا مستوى لها البتة، وأشياء أخرى يطول شرحها، والمملكة المغربية مندرجة (حتى اللحظة) في قائمة دول العالم الثالث، تعاني من أزمات لا حصر لها، مرغمة بأداء الديون المترتبة بملايير الدولارات عن سياسة رسمية تجعل الشعب المغربي العظيم في آخر سلم اهتماماتها، علما أن الجولة لا تتعلق في الجوهر بقضية الصحراء ولا بعودة المملكة المغربية لأحضان منظمة الوحدة الإفريقية، وإنما غايتها في الجوهر مرتبطة أساسا بمجال اقتصادي صرف يُؤسَس بمباركة أعلى مستويات حكم دول بعينها لفائدة مؤسسات مغربية ضخمة لها الكلمة الأولى في العديد من المواد المصنعة أو الموزعة أو المستهلكة داخل المملكة المغربية أو بلاد أخرى معروفة لدى الأوساط المهتمة بمثل الميادين، الجولة تتم في غياب حكومة مغربية شرعية عن قصد لتنأى عن إجراءات تلتصق مباشرة باختصاصات الأخيرة الحاملة مسؤولية إخبار الشعب المغربي العظيم بأدق تفاصيل ما يُبرم باسمه ليكون على بينة يؤسس على قاعدتها مواقفه الرافضة أو القابلة، المؤكد أن المملكة المغربية دولة مؤسسات الكلمة الأخيرة وسطها يملكها الشعب، وإذا كانت الانتخابات الأخيرة "أفرزت" الوزير الأول الموكول له اختيار الوزراء المكلفين بتدبير الشأن العمومي في شقه التنفيذي تحت رئاسته فكان من الواجب احترام أرادة هذا "الإفراز" والتقيد بالمواعيد القانونية المنصوص عليها في الدستور كأولوية لا معنى للضرب بها عبر الحائط بمبررات غير قائمة على حاجة تُؤخر يقبلها منظف المرحلة الدقيقة التي يجتازها المغرب حفاظا على استقراره.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق